إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 17 أبريل 2017

سر الإبداع الأول


      إن ما يحدث مع معظمنا عندما تواجهه مشكلة أو تحدى ليس نوعـاً مـن التفكير الإبداعى ، أو التفكير المنتج الفعال ، وإنما هو اقرب ما يكون الى معركة  داخلية بين المعتقدات ، والقيم ، والأفكار ، والخبرات السابقة جميعها تقع تحت سيطرة المشاعر التى غالباً ما تكون سلبية ، تبدأ المعركة الداخلية عقب  إنتهاء الحدث من على ارض الواقع ، حيث يبدأ عمل الناقد المرضى مردداً بصوت داخلى : كان يجب أن نفعل كذا ، وكذا ، ويجب أن نقول كذا ، وكذا ، ولا يجب أن نترك الأمـر هكذا ، ثـم يقـوم بوضع إفتراض لسيناريو تخيلى ، ينتهى بنا الإفتراض الى نتيجة من نفس نوع الإفتراض ، فإذا كان الإفتراض سلبى ــ وهو الذى يحدث فى الغالب ــ فلابد أن تكون النتيجة سلبية ، وبناء على هذه النتيجه نصدر حكم يحدد سلوكنا فيما بعد .
      ثم ننتقل لسيناريو أخر بنتيجه مختلفة ، ولكنها تتفق مع الأولى فـى السلبية ، لتنتهى بحكم مختلف ، ثم سلوك مغايير تماما للواقـع ، ثـم سيناريو ثالث ، وهكذا دواليك ، نجد أنفسنا  نبتعد عن المشكلة الأساسية ،  ونغرق فى  دائرة من المشاعر السلبية لا أول لها ، ولا أخر ، ولا نستطيع  ايقافها ، وكل ما   نستطيع فعله هـو أن نـدور معها حتى تظهر مشكله أخرى لنعيد نفس الأحداث من جديد ، وفى النهايه نتساءل لماذا نحن غير ماهرون فى حل المشكلات ؟ لماذا لا نستطيع الابداع ؟ 
      إن الإجابة ببساطه تتمثل فى إنك تملك عقلاً مزدحماً ، عقلاً لا يجد فرصة للتفكير فـى الحلول ، فقد اغرقته بالتفكير السلبى غير المنتج ، إن الحلـول لا تأتـى إلا للعقول المهيأة ، والمستعدة لها ، عندما كان اليكساندر فليمنج يدرس بكتيريا مهلكة عـام 1928م   وفى مرة من المرات رفع غطاء وعـاء المزرعة البكتيرية الزجاجى ، ولاحظ أنها أصبحت ملوثة مصادفة ، لقد تكون فطر فـوق المزرعة المكشوفة ، ولكن لاحظ فليمينج ايضاً أن البكتيريا إختفت فى المنطقة المحيطة بالفطر ، وكان ذلك دلالة على أن الفطر قاتل فعال للميكروبات ، ولا يؤذى النسيج البشرى ، عكف فليمينج على دراسة هذا الفطر ، وإختباره على الحيوانات المحلية ، حتى قاده عمله لإكتشاف البنسلين ، الذى كان له الفضل فى انقاذ حياة الملايين حول العالم .
     قال لويس باستير Louis Pasteur   ، الكيميائى الفرنسى الذى أسس علم الأحياء المجهرى ، وإخترع عملية البستره " إن الفرصة تأتى فقط للعقل المهيأ لها ، لقد كان فليمينج مهيأً تماماً لملاحظة الخيط الـذى قاده لإختراعه للبنسلين " .
     وأنت لكى تمتلك عقلاً مهيأً ، عليك التوقف فوراًً عن الصراعات ، والمعارك العقليه ، وهذا هو السر الأول للابداع ( انهاء الصراع العقلى ) عليك عند مواجهة أية مشكلة أن تحدد الهدف من التفكير فـى المشكلة أولاً ، ثم الإنتباه الشديد لإدراك التلميحات وتفسيرها عند رؤيتها ، والقدرة على التزام الإنتباه ، والحساسية تجاه الأمور غير المتوقعة أثناء مراقبة الأمور المتوقعة .
     وفى هذا الصدد كتب السير تشارلز جوديير " كنت اسعى على مدار سنوات كثيرة لتحقيق هذا الهدف ، ولـم اسمح لأى شىء مرتبط بهذا الهدف بالإفلات من انتباهى ، وحالتى تلك تشبه سقوط التفاحة أمام نظر نيوتن ، فقد أوحى هذا الموقف بحقيقة مهمة لشخص عقله مستعد مسبقا للإستنباط من أى طارىء  قد يخدم هدفه البحثى ، رغم إعترافى بأن كل هذه الإكتشافات لم تكن نتيجة التحقيق الكيميائى العلمى ، فإننى لن اعترف بأنها نتيجة ما يمكن أن يطلق عليه مصادفة ، بوجه عام ، أعترف بأنها كانت نتيجة التطبيق والمراقبة عن كثب " .
      إننى لا اعلم كم ضاع من عمرك حتى الآن ، ولكن ما اعلمه جيداًً  إن ما تبقى لك كاف لإخراج إبداعك ، وعبقريتك ، وكاف لأن تترك بصمتك فى أية مجال ، ومكان متواجد بهما . إن الشكوك التى تراودك ، والتى تفترض انها مبنية على التفكير المنطقـى والتقييم الموضـوعى لبيانات صحيحة عـن نفسك ، تضرب بجذورها فـى افكارك البالية ، فشكوكك لا تنتج عـن تفكير دقيق ، ولكن تفكير إعتيادى فقد قبلت منذ سنوات بالإستنتاجات المغلوطة وكأنها صحيحة ، وبدات تعيش حياتك وكأن هذه الأفكار المشوهة عن قدراتك الكامنة صحيحة ، وتوقفت عن القيام بالتجارب التى تنم عن شجاعة فى الحياة والتى نتج عنها العديد من السلوكيات المثمرة وأنت طفل .

لقد حان الوقت الآن لكى تجد ذلك الإيمان بالنفس الذى كان لديك من قبل  

حان الوقت الان للبحث والتنقيب داخلك للعثور على الذات المبدعة التى ترغب فى العثور عليها .
لقد حان الوقت الآن ... الآن 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق