إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 5 مايو 2017

فن صناعة الإبداع

         خلال ثلاثينات القرن الماضى وتحديداً 1939م ، أعلن إثنان من علماء الفيزيـاء عن شـىء أطلقوا عليه  " الموضع المنهار تماماً بفعل الجاذبية " فتثاءب الحضور مللاًً مـن هذا ، وبعد مرور اربعين عاماً كان أحد المحاضرين يتحدث عن هذا الشىء ، وطلب من الحضور إسماً جديداً بعدما وضح لهم الأمر ، فقال أحدهم : من الممكن أن نطلـق عليه " الثقب الأسود " ، ومنذ ذلك الوقت إنتشر الإسـم بشكل سريع ، وفعال ، حتى أصبح جزء من لغتنا اليومية العادية ، وأعتقد أنك سمعت هذا الإسم من قبل عزيزى القارىء.
           أذكر ذات مرة ، وأثناء تصفحى لحسابى الشخصى على الفيس بوك ، جائنى طلب صداقة ، فقمت بمراجعة صفحة طالب الصداقة ووجدت أنه مخترع ، فقبلت الطلب ، وبعدها بلحظات معدودة وصلتنى رسالة على الخاص تحـوى مقالة طويلة جداً ، ولم أكن أملك الوقت لقرائتها فالقيت التحية واتبعتها بسؤال عن فحوى المقالة ، فأجاب بعد التحيه إنه مخترع ، وهذه المقالة تحوى كل مخترعاتة ،  ومبتكراته ، فأثنيت على ذلك ، ثم سألته عن اكبر إختراع لديه ، فقال جهاز إنذار ، فسألته : هل هـو معروف فى السوق ؟ فأجاب بالنفى ، وسبب ذلك أن بعض رجال الأعمال المنتفعين بالوضع الحالى ، وغير الراغبين فى الإستثمار فى اى شىء جديد ، كذلك الدولة لا تهتم بالإختراع والمخترعين ....الى أخره مـن الأسباب المتهالكة ، والمهترئة مـن كـثرة الإستعمال .
         فبادرته بالقول صديقى الرائع كفاك تذمر من الأوضـاع ، ورجـال الأعمال ، فأنا أعرف ما تقوله ، وسمعته كثيراً قبل ذلك ، ولكن أريد لفت إنتباهك لشىء مهم جدا ، وهو أن إختراعك لم يلفت انتباهى ، ولم اشعر أننى كمواطن بحاجه اليه ، أو أشعر اننى امـام شىء مميز ، ولكنه جهاز انذار ، إنه مجرد جهاز إنذار ، إسم تكرر كثيراً ، وسمعناه كثيراً ، إن مجال أجهزة الإنـذار اصبـح قديماً ، وكل يوم فيه تطوير ( بالنسبة لك عزيزى القارىء ، هـل اثار الإسم ، أو الإختراع انتباهك ؟ اذا كانت الإجابة بالنفـى فقد علمت الآن ما انوى ان احدثك عنه ) فى شىء ، فإذا كان جهازك مختلف عما هو موجود بالفعل ، فعليك بإختيار  اسم جديد ، ومختلف لإختراع ترى أنه جديد ، ومختلف ، اسم يناسب إختراعك .   
      ثـم تابعت حديثى معه قائـلاً : علــى سبيـل المثال ، لقد حصـل الدكتور زويـل علـى جـائزة نـوبل بسبب الفمتوثانية ، وهـى فـى الأساس وحدة قياس زمنية ، مثلها مثل الدقيقة ، والساعة ، والثانية ، ولكن أعطاها اسماً مميزاً لدرجة أن إسمها طغى على اسم المعهد الـذى إخترعت فيه ، فقد توصل اليها الدكتور زويل فـى معهد كاليفورنيا ، وبعد ظهور الفمتو ثانية اصبح اسم المعهد أرض الفمتو ، فقد بنى عليها علوم جديدة مثل علوم الفمتو كيمياء ، والفيمتو فيزياء ، وغيرها الكثير ، لذلك إذا اعتقدت إنك توصلت لشىء مميز فلا تبخل عليه بإسم مميز
        إن أفضل من عرف قيمة الأسماء ، وأهميتها العاملـون فـى مجال الفن ، والدعاية ، والإعلان ، فمن النادر أن تجد فناناً ، أوممثل يتعامل بإسمه الحقيقى ، ولكن نجـده يختار إسماً يناسب الوسـط الذى ينتمى اليه ، والأعمال التى يقدمها ، هل معنى هـذا أنه لم يكن يملك إسماً قبل التحاقـه بعالم الفن ؟ بالطبع لا ، ولكن هو بحاجة لإسـم يلائم شخصيته الجديدة ، ومهنته التى يمتهنها ، كذلك فإن إختراعك ، إبتكارك ، تميزك ، كلها بحاجة لإسم يناسبه ، ويتميز بـه عـن باقـى الأسماء الموجودة .
        إن للإسـم الــذى تمنحه للإبتكار قيمة عظيمة فـى عالم الأعمال ، وأنا هنا لا اقصد بكلمة " الإبتكار"  الأشياء المادية ، ولكن الهدف منها شامل لكل شىء تعتقد أنه مميز ، أو مبتكر سواء كان منتج ، أو خدمة ، أو طريقة ، أو عرض   تقديمى ، أو مؤتمر ، أو ورقة بحثية ، فأنت  الوحيد القادر علـى تحديد أن مـا تقوم به مميز ومبتكر أم لا ؟ وهناك حالات كثيرة إنتهـى فيها المنتج مـن الأسـواق ولم يعد له وجود ، ولكن ظل الإسم مـن الموروثات الثقافية ، والحضارية للشعوب ، وإرتبط فـى أذهـان معاصروه بأشياء أخـرى ، إن الإسـم العظيم قـادر على خلـق روابـط ذهنية ( بصــريـة ، سمـعيـة ، حسيـة ) ، لا يـمكن نسيانهـا ، وكلما تقـدم بــه الـزمـن كـلـمـا إزدادت قيمته .
       واخيراً اجدنى فى قمة الشفقة على هؤلاء الذين يسعون للتميز بناءاً على اعمال الغير وكلمات الغير ومقولات الغير وينسبونها لانفسهم وذلك لأن عمرهم  الحقيقى قصير جدا اذا اردت النجاح فلا تفرح بالمكسب السريع المبنى على اعمال الغير ولكن عليك بالبحث والصبر والمثابرة والتعب وبذل الجهد واعلم ان البئر كلما كانت اعمق كانت انقى واصفى فلا تنسب لنفسك مجهود غيرك ولا تكابر واعلم ان الجميع يعلم حقيقتك .


دمتم مبدعين ،،، دمتم حقيقين ،،، دمتم بخير


هناك تعليق واحد: